أخر الأخبار

التسميات

الخميس، 3 ديسمبر 2020

بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا سنتحدث عن الماضي الحلقة 26 من سلسلة في زمن الحرب و الجوع ( أسر شهداء حرب الصحراء المغربية)


 

بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا سنتحدث عن الماضي الحلقة 26 من سلسلة في زمن الحرب و الجوع ( أسر شهداء حرب الصحراء المغربية) 



أغلقت أبواب المقهى، رجعت للمنزل في وقت متأخر، شهيتي للأكل وحتى للحياة لم تعد موجودة، و كأن المشكلة التي لحقت بأختي ولحقت بنا هي النقطة التي أفاضت الكأس، بعدها ما عدت مهتما بأي شيء، أن تفقد الرغبة في الحياة أمر جد صعب، تصبح الألوان لون واحدا، وتتخد الأشياء شكلا واحدا، لا تستطيع الإحتفال بالفرح ولا أن تنتحب بالحزن، لأنه لم يعد مهما بالنسبة لك أن تسعد أو تتألم، أن تحب أو تموت ! جميع الأشياء تتشابه، ما أقسى مرض ألا تحس بشيء! 


استلقيت على الفراش، الدموع تحولت إلى نيران تلتهم قلبي الضعيف الذي ما عاد يحتمل المزيد، تارة ألوم نفسي لأنني لم أنجح في أن أكون الأخ والأب لأختي، وتارة أخرى أسقط اللوم عليها لأنها سلمت نفسها لمن تركها وهرب ولم يفكر فيها، وفي أحيان كثيرة ألعن القدر وألومه، وما إن تمر ساعات حتى أعود إلى صوابي حينما يتسلل صوت الآذان ليلامس قلبي من جديد، عند غروب الشمس و خلال الليل أناجي الله، أنا لا أراه لكن إحساس قوي يخبرني أنه يراني في نفس اللحظة التي أتكلم فيها معه، وأنه ينصت لي، فأرتاح ثم أخلد للنوم، الإنسان يرتاح حينما يلجأ لإلهه، ما أجمل ذالك الشعور، يبعث لقلبك ذرات أمل جديدة بأن الغد سيكون أفضل، حينما تصير الألوان لونا واحدا افعل ذلك إلجأ إليه و سترى بنفسك المعجزة الحقيقية التي ستحدث معك.


في صباح اليوم التالي، توجهت نحو أختي ضممتها إلى صدري، أدري أن وجعها أعمق من وجعي، لذا لا أستطيع أن أقسو عليها أكثر، لكنني لا أنكر أنني غاضب بل جد غاضب منها. تناولنا الفطور سويا سألتها بعض الأسئلة أكدت لي أن ما يتخبط في أحشائها هو من صلب ذالك الجبان الذي رأيته معها قبل أن أسافر للعمل، دلتني على مكان إقامته و قالت أنها ذهبت إلى هنالك كثيرا حينمت علمت بأنها حامل، لكنها لم تجده، انقطعت أخباره عنها واليوم هي لا تعلم شيئا عنه، حاولت أن أطمئنها ثم غادرت المنزل متوجها إلى نفس المكان، أعدت التفتيش عنه لكنني لم أجده، و كأنه كان قاصدا أن يأخد شرف البنت ثم يلوذ بالفرار، ذهبت للمقهى أدخن السجائر من جديد، ملامح وجهي القاسية تمنع الأصدقاء الجالسين بقربي من محادثتي وهذا يخدمني أنا أيضا، لا رغبة لي في الحديث مع أي أحد؛ مواضيعي أصبحت موضوعا واحدا ومشاكلي تحولت إلى مشكل واحد لا غير، وهو إيجاد الحقير الذي ترك أختي بعدما أحبته و وثقت فيه، أيعتبر هذا رجلا؟ ألعن نفسي وألعن الرجولة إن كانت تختصر في أن يكون الشخص ذكرا فقط.


أفكر و أفكر ولا حل يأتي في البال، أتساءل إن كانت أختي ماتزال تحبه و تتستر عليه ولا تريد إخباري بمكان اختبائه، أنا لا أستبعد هذا الإحتمال أبدا، الفتيات الساذجات من السهل أن يقعن في الفخ ومن السهل أن يتم خداعهن، ساذجات مغفلات و مثيرات للشفقة، وأختي واحدة منهن، الآن هي تحتمي تحت أجنحة من يحبونها لكن لاحقا ستدفع ثمن غباءها، ستدرك غلطتها و حماقاتها، ستوبخ نفسها وستكره الأمنيات التي حلمت بها في حضن ذكر، ما كانت له أكثر من رغبة واحدة وقد حققتها له، حينها فقط ستصبح قوية إن هي استطاعت أن تتجاوز محنتها وأن تصمد أمام الأيام القاسية التي في انتظارها، أحيانا تلزمنا جراح كثرة حتى نتأهل لأن نصبح أقوى وأذكى و لا يتم التلاعب بنا واستغلالنا، وهذا ما حصل مع أختي وما يحصل مع الكثيرات و ما سيحصل مع أخريات أيضا، هي لعبة لن تتوقف حتى ينتهي زمن الغبيات ويأتي محلهن الواثقات اللواتي لا ينخدعن ولا يثقن في كلام رجل كاذب لا يكتب وعوده إلا على الماء، هي لعبة قذرة لن تتوقف حتى يعود زمن الرجولة التي لا تؤذي بل تحمي وتفي و تقاتل من أجل ألا تسقط دمعة واحدة على خد الأم أو الأخت، الإبنة أوالحبيبة.



حلقة كل خميس

من توقيع ليلى اشملال

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
Item Reviewed: بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا سنتحدث عن الماضي الحلقة 26 من سلسلة في زمن الحرب و الجوع ( أسر شهداء حرب الصحراء المغربية) Description: Rating: 5 Reviewed By: khalid jazemi
Scroll to Top
Scroll to Top