بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا ،سنتحدث عن الماضي"الحلقة 4 من سلسلة في زمن الحرب والجوع(اسر شهداء حرب الصحراء المغربية )
حل الظلام من جديد؛ أتوسد مخدتي المتسخة التي أشاركها مع أخي الصغير، ما زالت بعض النساء في الغرفة المجاورة مع أمي، لقد أحسست بفضول كبير هذه المرة لمعرفة ما يحدث داخلا؟ تسللت بخفة، وضعت أذني على الباب، لم أستطع سماع أي شيء، فجأة أسمع خطى متجهة نحو الباب اختبأت في "بيت الماء" وما إن خرجت تلك السيدة التي تركت الباب مفتوحا قليلا -ربما عن استعجال- حتى رجعت لأسترق السمع من جديد، كانت أمي تسأل إحداهن عن إسم زوجها و إسم أمه و عن المشكلة التي أتت من أجلها، المرأة تشكي خيانة زوجها بحرقة بالغة هو الذي يخونها كثيرا و لا يحب أبناءه كما جاء على لسانها، اقتربت من الباب أكثر لأختلس النظر من الفتحة فرأيت أمي تأخد سائلا أصفر اللون و تكتب به شيئا في ورق أبيض ثم تلقي به في قارورة صغيرة مملوءة بالماء و تمنحها للسيدة قائلة "رشي شوية حدا باب الدار، ولبقا شربي منو نتي و ولادك، ضروري تشربو منو كاملين و بعد سيمانة عاودي رجعي" ثم قبل أن تنهض السيدة من مكانها للمغادرة، قامت أمي بإعطاءها حجابا مضيفة "خدي هذا و حطيه فلداخل ديال وسادة راجلك و مايكون غير لخير"، ثم تهم آخر ما تبقى من النساء في الغرفة بالخروج. بعدما شكرت أمي كثيرا ملقبة إياها ب "لالة السعد" أي أنها تجلب السعد لكل من لجأت إليها طلبا في كسب حبيب، أو إسترجاع زوج مسروق!
ما سمعته و ما رأيته للتو، يجعلني في حالة اندهاش من أمي؟ فهل ما تقوله صحيح! هل تستطيع حل جميع مشاكل تلك النساء!؟ هل تستخدم الجن؟ بيتنا مسكون إذن... شعرت بخوف شديد ثم ذهبت للنوم قبل أن تلمحني أمي و ينزل كل غضبها علي.
لم أستطع النوم أبدا من التفكير، أفكر في كوني أخا كبير لتسع أخوات أصغر مني يشاركونني الغرفة الواحدة، هي تتسع لنا جميعا، فهل رحمة الله ستتسع لنا جميعا أيضا؟ هل سيسامح الله أمي!؟ هل سيأخدنا بدنوبها هي لا ببراءتنا نحن!؟
كانت تتزاحم الأسئلة في عقلي الصغير وتمنعني من النوم، تلك الأسئلة التي امتلكت أجوبتها حينما كبرت، كانت أسئلة تافهة لطفل يبيع السجائر طمعا في كسب لقمة عيش، ما كانت سوى أسئلة بسيطة تؤرق إبن "شهيد"....
#يتبع
حلقة كل خميس
من توقيع ليلى اشملال