بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا ،سنتحدث عن الماضي .الحلقة 13 من سلسلة في زمن الحرب والجوع( اسر شهداء حرب الصحراء المغربية)
خرجت من دارنا بذلك الحي الفقير، كان جسدي وحده الذي يتحرك و قدماي تأخداني من زقاق إلى زقاق، أما عن تفكيري فبقي كله عالقا هناك حيث تركت أمي، كلامها ظل يتردد في عقلي الذي لم يكن يفكر سوى في شيء واحد فقط...طوق النجاة من هذه الحياة البائسة.
انتشلني صوت المعلم سعد من ضجيج الأفكار بداخلي، رحت أجيبه على سؤاله المعتاد، كيف الحال!؟ ... حقا كيف هو الحال؟ هل لهذا السؤال من معنى إن كان المجيب يرد بذات الجواب كيفما كانت ألوان حياته وكيفما كانت أيامه و طقوسه و حالاته النفسية، نعم أنا بخير ...سأظل بخير من أجل أسرتي الصغيرة، من أجل أبي الذي حملني استشهاده هذه المسؤولية الكبيرة .
- واش هاد الغيبة، طولت علينا
- الزمان يا المعلم ...الزمان
- شحاب تشرب؟
- كيف العادة
راح المعلم سعد يأخد طلبات زبائن آخرين اعتادوا ارتياد المقهى لتبادل أطراف الحديث حول مشاكل البلاد، رائحة السجائر تلوح في الأفق و هذا ما يجعلني أتضايق قليلا، فأنا لم أدخن طيلة حياتي ماعدا مرة واحدة فقط كانت الأولى و الأخيرة، و كان لأبي رحمه الله دور في ذلك، لقد كان يدخن السجائر بكثرة وكنت أراقبه عن قرب كلما فعل ذلك، في أحد الأيام تسللت حيث كان يخبئ بضع سجائر له، أخدت واحدة ثم لذوت بالفرار، كنت خائفا جدا من أن يراني أحدهم و لكنني أحببت أن أجرب ذلك كثيرا، أن أتذوق طعم السيجارة ....تبين لي لاحقا أن لا مذاق لها وبعد نشوتي الصغيرة تلك سمعت وابلا من السب والشتم من أمي، أما عن أبي فراحت "سمطته المخزنية" تتحدث مع جسمي الصغير بدلا عنه.
حلقة كل خميس
من توقيع : ليلى اشملال