أخر الأخبار

التسميات

الخميس، 24 ديسمبر 2020

بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا سنتحدث عن الماضي ،الحلقة 29 من سلسلة في زمن الحرب و الجوع ( أسر شهداء حرب الصحراء المغربية 1975 ،1991)



 بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا سنتحدث عن الماضي ،الحلقة 29 من سلسلة في زمن الحرب و الجوع ( أسر شهداء حرب الصحراء المغربية 1975،1991   





انتهى الزفاف و ذهب المدعون كل لمنزله، تعبت كثيرا فنمت نوما عميقا لم توقظني منه سوى أمي التي أنهضتني قرابة الظهر  لأودع أختي و صديقي اللذان سيسافران بعد وجبة الغداء، أوصيت أختي بالإعتناء بزوجها و بإبنها القادم للحياة، كما أوصيت صديقي ياسين أيضا بالإعتناء بأسرته شاكرا له معروفه معي الذي لن أنساه أبدا.

رحلت اختي إذا وذهب معها رفيق الدرب، و بقيت بمفردي أفكر فيما يمكنني عمله لكسب النقود، أمي أصرت علي لأرجع إلى عملي في الضيعة لكنني لم أقبل، بعد مشكلة أختي قررت عدم ترك أسرتي مهما عصفت بنا الحاجة، ففي كل الأحوال لن نموت جوعا لأن كل واحد فينا تعلم كيف يربح بعض النقود لقضاء احتاياجاته، أمي لا زالت تعمل ك "شوافة" تريد أن تصلح المنزل الذي تركه لنا أبي قبل أن يستشهد رحمه الله، إخوتي الذكور كل ملهي بأموره، أما عني أنا فكان لزاما علي أن أعود لبيع "السردين" لأساعد أمي في شراء مقتنيات البيت الغدائية بينما تتكلف هي بتكلفة إصلاح و ترميم سكننا فقط.

- شحال خصرتي فالعرس؟

- شي بركة و صافي

- أنا غنرجع نخدم فالسردين، مغاديش نبعد على الدار، بلا متوقع شي فضيحة أخرى

- لبان ليك أولدي نتا تعرف مصلاحتك


مرت الأيام و أنا أعمل صباحا مساءا لكسب بعض الدراهم، ذات مساء جلست وحيدا و فكرت في فتح مشروع صغير، أوسعه حينما يعود علي بأرباح تمكنني من ذلك، تناقشت مع بعض الرفاق في المقهى، اقترح علي أحدهم أن أشتري طاولة متنقلة تلك التي في أسفل أرجلها معدات أجهل اسمها لكنها تساعدها على الحركة و تيسر تنقلها من مكان لآخر،  قال لي بأن مشروع "بيع السندويتشات"، سيكون مربحا يلزمني فقط بعض الصبر في البداية كغيري من الناس طبعا اللذين يعملون في التجارة أو أولئك الذين يتخدون من البيع و الشراء وسيلة لكسب دخل يومي يمكنهم من العيش بكرامة، اقتنعت بهذه الفكرة و شكرت صاحبها، وفي اليوم التالي ناقشتها مع أمي التي استحسنتها و اقتنعت بها مثلي أيضا.

في البداية كان يلزمني" رأس المال" حاولت أمي أن تساعدني لكن لم أقبل منها سوى القليل، أضفته لبعض المال الذي كنت أخزنه داخل وسادتي استعداد لأي ظرف طارئ قد يلحق بي أو بأحد من أفراد أسرتي، بعد شهرين بالضبط تركت العمل في بيع "السردين" لأتفرغ لمشروعي الصغير.

في بادئ الأمر اقتصرت "السندويتشات " التي أحضرها على قليل من البصل و الكفتة و الطماطم مرفقة برقائق البطاطس و عصير الليمون اللذان  كنت أعدهما مسبقا في المنزل، كنت أبيع الشطيرة الواحدة بخمس دراهم، لكن حينما أرفقها برقائق البطاطس و عصير الليمون كان المجموع يصل لثماني دراهم.

في الأول كانت أرباحي قليلة نظرا لعدد الزبناء الأقلاء الذي لا يتجاوز  الخمس أو السبع أشخاص، حاولت التفخمين في طريقة لكسب عدد أكبر من الزبناء، فقررت التنقل بين أماكن مختلفة، كالبيع أمام المقاهي التي تقتصر على خدمات القهوة و الشاي فقط، و أيضا أمام المدارس حيث يتنافس التلاميذ والطلبة على اقتناء الشطائر للأكل خلال فترة الإستراحة، وكانت هذه الطريقة تجعلني أكسب زبناء جدد عوض الطريقة الأولى التي كنت أقتصر فيها على البيع و الشراء  في مكان واحد فقط.

مرت ثلاتة أشهر كنت أعمل فيها و أنا مرتاح البال، العمل بشكل فردي و على مشروع شخصي هو أفضل بكثير مقارنة بالإشتغال مع أحد غير نفسك، تنهال عليك الأوامر و أحيانا الشتائم من كل جهة، تعمل بجهد نفسي يفوق الجهد العضلي بمراحل، فما إن يصل آخر النهار حتى تكون قد خارت كل قواك، فلا تقدر على الإستمتاع بباقي يومك أو قضاء أغراض أخرى لك لأن التعب و الفشل قد تمكن منك و أطاح بك على سرير النوم، فتستيقظ بصعوبة في اليوم التالي لتعيد الجولة من جديد !  وهذا فعلا ما كان يحدث معي حينما كنت واحد من عمال الضيعة وحتى حينما كنت أعمل مع أصحاب "المرصى"، أما الآن و أنا أدير عملي بنفسي، أبدأ وقتما يحلو لي و أنصرف مساءا 

وقتما أشاء و حينما أمرض يمكنني التوقف لأيام دون أن يقتطع من أجري أو أتعرض للتهديد بالطرد، بدأت أستمتع  بوقتي فعلا و بهذه الحياة ذات الأسرار و الخفايا التي لا تنتهي !




حلقة كل خميس

من توقيع ليلى اشملال

  • تعليقات بلوجر
  • تعليقات الفيس بوك
Item Reviewed: بما ان المؤسسات العسكرية تنكرت لمستقبلنا سنتحدث عن الماضي ،الحلقة 29 من سلسلة في زمن الحرب و الجوع ( أسر شهداء حرب الصحراء المغربية 1975 ،1991) Description: Rating: 5 Reviewed By: khalid jazemi
Scroll to Top
Scroll to Top