#رسالة #من #المنفى
ذات مكان وذات زمان مرت ليلة هادئة من غير قصف بمحاذاة الجدار الأمني لصحرائنا الحبيبة ،بقطاع أم دريكة داخل "تشابولا" هذا السكن المحفور تحت الارض وكأنه جحر جرد او بالاحرى مرقد ضب تحت الأرض.كان هناك عشيران جمعتهم الخدمة العسكرية فالعريف اول الورايني الذي ينحذر من جبل بويبلان الشامخ وصديقه الحياني الذي قدم من سهول تيسة وشاءت الاقدار ان يجتمعا تحت سقف واحد هكذا وهم جالسون يتسامرون ابا الواريني الاأن يعبر عما يخالج قلبه من فرحة وهو يحكي لصديقه العريف الحياني الذي كان يصغي له باهتمام عن مولوده الأول الذي ازداد قبل شهر وقد وصلته رسالة لتوها وطار فرحا لأنه سيستفيد من رخصة مؤقتة ليزور والدته وزوجته ميمونة ويرى وجه ابنه الأول .في صمت الصحراء ونسيمها البارد ليلا وصفاء وجه السماء وتجلي مواقع النجوم ،هذا الجو الشاعري أجج الفرحة في قلب الواريني حيث استرسل في حديثه وهو ينفت دخان سيجارته التي كان يمتصها بعمق فهو لايدخن حبا في التدخين بل يطفء بها جمرة الغليان الذي يعيشه تحت الظروف القاسية للحياة ،نعم تحدث كثيرا عن ابنه الأول الذي رزق به وقد اختار له اسم "احمد" تيمننا باسم الحمد لله واسم ابيه الراحل الذي استشهد في إحدى المعارك بأمكلا ،وكيف سيجعل منه رجلا مثقفا يكون له شأن كبير في المجتمع .ولا يريده ان يحدو حدوه في انخراطه في الجيش .وفي غفلة منهم واذا بصفارة الانذار ترسل معلنة دخول العدو او بالاحرى ميليشيات المرتزقة.أجل لم يدم حديث الواريني طويلا إذا بقداءف #هاون# بدأت تهوي بالقرب من الجدار الأمني حيث هب الجنود إلى اخد مواقعهم بالخنادق والمدفعية من الوراء ترسل قنابلها العنقودية فاختلط الحابل بالنابل واستطعنا ان نتصدا كما هو معروف للعدو بكل الأسلحة الثقيلة منها والخفيفة واحتدم القتال وبلغ اوجه وذروته فلا ننكر ولا نخبي الشمس بالغربال فقدأصيب منا البعض ومنهم العريف الاول الورايني برصاصة في صدره فأسرع أصدقاءه إلى نقله لسريره بالمستشفى الميداني ليتلقى الإسعافات الاولية .وهو على فراش الموت طلب ورقة وقلم وخط باصابع مرتعشة رسالته الأخيرة لأمه وابنه وزوجته ومحبوته.
أماه الحبيبة أراني وقد انهك الموت قواي وانا استقبله بكل شجاعة ، ويسعدني أن اموت و دمي الطاهريسقي رمال صحراءنا الحبيبة، اخبري ابني أحمد بذالك ولا تبكي علي فقد سبقني ابي واستشهد هو ايضا هنا بل زغردي لان بطنك أنجب بطلا عاش كذالك وأسلم الروح بين الابطال .أماه بلغي سلامي ايضا لتلك الحبيبة التي كتب عليها القدر ان تترمل في عز شبابها .....مات الورايني ومات معه امل اسرة باكملها وبقي أحمد ابن شهيد........
#من مذكرات محمد الصاط محارب قديم من تاهلة