وجعلوك جحودا يا وطني /الاستاذ فريد نعناع
كل جيلي وما يليه بقليل يتذكر ما كنا نسمعه في شأن فئة من المواطنين المغاربة ، سواء أب أو خال أو عم أو أحد المعارف من الذين كانوا في سلك الجندية بالصحراء المغربية ، ممن كبر أبناءهم في غيابهم ، كما غابوا عن الأعراس والعقائق والمآتم والتجمعات العائلية للظرفية التي يحتمها الواجب العسكري أثناء حرب الصحراء وقبل وقف إطلاق النار ، منهم من إستشهد ومن تم أسره وترحيله إلى معاقل مخيمات بتندوف ، حيث رأوا وعاشوا أبشع ما يمكن إقترافه في حق الإنسان لمدد مختلفة بلغت عند بعض الحالات 27 سنة ، كانوا يتمنون الموت كل يوم ولم يدركوه ولا هو مدرك لهم ، عانوا فيها مختلف التنكيل والتعديب إلى أن تم الإفراج عنهم بوساطات من لدن هيآت دولية ومساعي حكومية من دول مختلفة .
لكن المعضلة في أن يقف هذا العسكري السابق والمحارب القديم وأسر شهداء حرب الصحراء المغربية بمختلف أقاليم المملكة وجهاتها وبالرباط العاصمة باكيا لما آلت إليه حاله وسط تطويق أمني قد يستعمل القوة لفظ وقفات كهلة وعجائز وشيوخ مرضى أعطوا كل ما لديهم منها الأعمار والصحة لحماية الوحدة الترابية للمغرب ، فعوض المزيد من العناية الإجتماعية والإقتصادية للعديد من الحالات ، تم سحب التعويض الهزيل عن الأبناء من معاشاتهم البخسة أصلا ، في حين تم تكريم جلادييهم وتعيينهم بأعلى المناصب تحت مسمى ( عائدون ) ، سفراء وقناصلة وبمختلف دهاليز الدولة بمرتبات شهرية تفوق قيمتها ما يتقاضاه عسكري أو أسير حرب الصحراء لربع قرن من الزمن من معاش لسنتين .
أرى من حيث وجهة نظري أن مشكلتنا في هذه البلاد أصبحنا نعتمد ميكانيكية مسيرة في التعاطي مع العديد من الشؤون العامة ، بعيدة عن المشاعر الحقيقية المنبعثة من عمق الوجدان ، وما تفوتنا فرصة للعرض المبرمج خلال كل مناسبة ذكرى وملاحم مجيدة طبعت تاريخ المغرب الحديث وما يتداول من الخطابات في شأن الحدث وتفاصيله ، لكننا لم نكترث أبدا لحال صانعي ذلك الحدث ، إذ نحتفل بعيد الإستقلال ومعاش مقاوم 1000 درهم ، وبإسرجاع الأقاليم الصحراوية ومعاش عسكري يعادل 2000 درهم وكذلك لأسير تجمدت حقوقه حتى في الرتبة منذ إختطافه فكيف لي أن أقنع أولادي والأحفاد أن المغرب لجميع المغاربة وعلى أن الوطنية واجب لا نقاش فيه ......!!؟؟؟
--------- لك الله يا وطني ---------
.