أسر شهداء ومفقودي حرب الصحراء المغربية : من يُنصف من ضحّى؟ ومن المسؤول عن هذا الصمت؟
أنا ابن شهيد حرب الصحراء المغربية، أكتب هذه الكلمات لا نيابة عن نفسي فقط، بل نيابة عن آلاف الأبناء والأرامل الذين تركهم شهداء الوحدة الترابية خلفهم، وذهبوا إلى معارك الشرف والدفاع عن الوطن.
منذ اندلاع حرب الصحراء المغربية سنة 1975، إلى حدود وقف إطلاق النار سنة 1991، ورغم جسامة التضحيات التي قدّمتها القوات المسلحة الملكية في سبيل الدفاع عن وحدة الوطن، لا تزال أسر شهداء ومفقودي هذه الحرب تعيش في الظل، تُكابد مرارة النسيان، وتنتظر دون جدوى قرارًا جريئًا يعيد لها حقها وكرامتها.
هؤلاء الذين سقطوا في ساحة الشرف، تركوا خلفهم أرامل شابات، وأطفالًا يتامى، ترعرعوا دون سند ودون مواكبة من طرف المؤسسات المعنية سواء كانت عسكرية او مدنية فالأمر سيان ولا التفاتة مادية او معنوية ، تركوا في الضياع يصارعون ويجابهون واقعا مريرا بسبب التهميش المطبق و الممنهج.
و السؤال الحقيقي الذي يُطرح نفسه : من المسؤول عن هذا الإهمال والتهميش المزمن ؟ ومن يتحمل تبعات صمت الدولة عن ملف عمره أكثر من أربعين سنة؟
أين إدارة الدفاع؟ لما لا تحرك ساكنا
أين المصالح الاجتماعية للقوات المسلحة الملكية؟ لماذا ابتلعت لسانها
أين مؤسسة الحسن الثاني للأعمال الإجتماعية لقدماء العسكريين وقدماء المحاربين ؟ماذا قدمت لهذه الفئة، وعن اي أولوية تتحدث حين تقول ان أسر الشهداء تتربع في قمة هرم الفئات التي تعتني بها المؤسسة، وعن اي عناية تتحدث
أين وزارة التضامن والأسرة؟
أين مجلس حقوق الإنسان؟
وأين المجتمع المدني والإعلام؟
واين الأحزاب السياسية؟
كلهم يعلمون أن الملف موجود. كلهم يعلمون أن هذه الأسر لم تنل ما تستحقه. لكن لا أحد امتلك الجرأة السياسية والأخلاقية لإنهاء هذا الظلم.
لماذا لا يستحضرون مقولة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه :على الجندي ان يذهب للحرب وهو مطمئن على أسرته.
الواقع مؤلم:
أرامل بمعاش لا يسمن ولا يغني عن جوع
أسر بدون تعويض عادل عن الحرب .
أسر بدون تأمين عن الاستشهاد والفقدان
أسر بدون سكن
أرامل دون مواكبة او متابعة نفسية او حماية اجتماعية حقيقية.
أبناء يعانون في صمت، بلا إدماج، بلا أمل، بلا اعتراف.
مراسلات تُرسل منذ التسعينيات، ووقفات تُنظم منذ تأسيس الجمعية الوطنية لأسر شهداء ومفقودي و أسرى الصحراء المغربية سنة 1999، لكن... لا حياة لمن تنادي
فما تعيشه عوائل شهداء الوحدة الترابية من خطأ سوء تقدير وسوء تدبير الملف وعدم حلحلته لإنصاف دوبهم هو إهانة وازدراء وإساءة مباشرة للشهداء.
فإلى متى سيبقى الشهيد مُجرد اسم في شهادة الوفاة؟
هل سيظل أبناؤه يُعاملون كمجهولين لا حق لهم؟
هل يجب أن نُذكّر في كل ذكرى وطنية أن هناك من ضحّى ولم يجد من يُنصفه؟
نحن نُطالب بحل شامل، لا ترقيعي. نُطالب بعدالة تاريخية، لا وعود إعلامية. نُطالب بقرار من أعلى مستوى يُنهي هذا الجرح المفتوح.وعلاجه فيه عافية للدولة ككل لانه سيعيد الثقة للمؤسسات وسينمي الشعور بالانتماء وسيوقد أحاسيس التضحية من أجل الثوابت.
بقلم بنعيش مصطفى
ابن شهيد حرب الصحراء المغربية