“مساكن “ضحايا حرب الصحراء: تسليم ملغوم وتحفيظ مسموم؟!العيرج ابراهيم
يبدو أن قدر أسر شهداء و أسرى و مفقودي حرب الصحراء هو العيش الأبدي في متاهة لا يعرف مداخلها و مخارجها إلا من أحكم التخطيط لها …
فبعد سنوات طويلة من المطالبة بضرورة التسوية الادارية و القانونية للمساكن التي سلمت لهذه الأسر أوائل الثمانينيات و التي كانت سببا في تخلي العديد من الأسر عنها ببيعها بأثمنة زهيدة لأن أغلب أحياء الشهداء بالعديد من المدن كانت تشكل بعبعا للأرامل بحكم تواجدها على هوامش هذه المدن…
حيث مضت أربعون سنة و يزيد على تسليمها للأسر على علاتها، و تحت إلحاح هذه الأخيرة، ارتأى “الساهرون” على تدبير شؤون و رعاية هذه الأسر ،أن مسطرة تحفيظ المساكن و تدليلها أصبحت ضرورة يفرضها واقع الحال. فالملاحظ أن هكذا تأخيرا لابد أن تكون له مخلفات سلبية على الأسر. كيف ذلك؟
فرغم التأخير و التسويف و التماطل في تسوية وضعية المساكن قانونيا و إداريا ، فالأسر و إن استبشرت خيرا، وعبرت عن ارتياحها و تفاعلها إيجابا مع المبادرة، فإنها -أي الأسر- التي شاخ أغلب افرادها من الضحايا، وجدت نفسها أمام وضع جديد زاد من تعميق أزمتها و تعقيد أوضاعها المعقدة أصلا، بسبب التهميش الذي طالها منذ سقوط الشهداء بساحات المعارك دفاعا عن الصحراء بما فيها و من عليها…
فقد أصبح التفكك الأسري الذي كان مستترا قبل التحفيظ بالنسبة للعديد من الأسرهو سيد الموقف والمعبر عن نفسه و المتحكم في العلاقات بين أفراد الأسرة الواحدة المتكدسة أصلا في بيوت تشبه علب سردين…و تطفو على السطح صراعات بين الأخوة ذكورا و إناثا كادت تعصف بالأرواح بعد أن أصيب التحام أفراد الأسرة الواحدة حول بعضهم البعض في مقتل سببه تحفيظ مسموم…
لتبدأ بذلك مرحلة أخرى من مراحل تعذيب ما تبقى من ضحايا حرب الصحراء لا يمكن التنبؤ بنتائجها ، علما أن بعضهم قد شرد فعلا و أصبح بلا سكن يأويه يعيش التيه و الضياع سواء كانوا إخوة أو أمهات- في شيخوختهن-كان لهم الفضل الأكبر في تشييد صرح بعض البيوت…و تستمر التراجيديا بأدوات و اساليب أخرى أكثر إيلاما.
لذا،فبدل دس السم في العسل من خلال محاولات تشنيف أسماع المواطنين عبر وسائل الإعلام بأخبار و معلومات عن تسليم المساكن لأسر ضحايا حرب الصحراء، بدل الحديث عن تسوية وضعيتها الإدارية كعقارات ظلت عالقة لسنوات، فمن الأفضل الانكباب على إصلاح ما أفسده الإهمال و التهميش و ما كان له من تداعيات بعد التحفيظ على أوضاع
العيرج ابراهيم
ابن شهيد حرب الصحراء المغربية